الموازنة.. رؤية جديدة من الحكومة تحمل رسائل سياسية تثير جدلا داخل البرلمان حول امكانية اقرارها
ايرث نيوز/ عبدالله عطية
في حادثة غير مسبوقة، اقر مجلس الوزراء الاسبوع الماضي مسودة مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة لمدة ثلاث سنوات، ليكون السوداني اول رئيس وزراء يطرح هكذا مشروع منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية الان.
مؤشر الاستغراب، زاد الجدل في الاوساط السياسية والاقتصادية، سيما بعد التحديات التي واجهتها القوى السياسية من اجل الاتفاق والوصول الى تشكيل حكومة السوداني، وهو ما اعتبره البعض ان اعداد الحكومة موازنة لثلاث اعوام يحمل رسائل سياسية غير مباشرة حول عمرها.
الموازنة تحتاج 45 يوما لاقرارها
رأى عضو اللجنة المالية البرلمانية مصطفى الكرعاوي، أن الموازنة الحالية تحتاج الى ما يقارب الـ 45 يوما لاقرارها، فيما يؤكد مسودتها لم تصل بشكل رسمي الى البرلمان لغاية الان.
وقال الكرعاوي، لوكالة “ايرث نيوز”، اننا “اطلعنا في مسودة مشروع قانون موازنة سنة 2023 من خلال ما نشر في وسائل الاعلام من مسودة، فحتى الساعة الموازنة لم تصل الينا بشكل رسمي لمجلس النواب”.
واضاف انه “بعد وصول الموازنة الى مجلس النواب، سيتم دراستها، وبكل تأكيد ستكون لنا ملاحظات عليها بعد الدراسة والتدقيق، وسنعمل على ما يمكن تعديله، وسنعمل على هذا الامر بالتنسيق مع الحكومة، حتى لا يتم الطعن باي تعديل نعمل عليه، كما كان يحصل ذلك سابقاً”.
وبين الكرعاوي ان “دراسة الموازنة واجراء بعض التعديلات عليها وعرضها للقراءة والمناقشة، والتصويت عليها، ربما يحتاج الى ما يقارب (45) يوماً ويبقى هذا الامر رهن التوافقات السياسية، فربما تكون هناك خلافات عليها ما بين بعض القوى الكبيرة داخل البرلمان، فهذا الامر وارد جداً، وهو امر طبيعي ويحصل في كل دورة برلمانية”.
الموازنة تعطي رؤية عن مستقبل العراق المالي
من جهته أكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن الموازنة لمدة ثلاث سنوات تعطي رؤية عن مستقبل العراق المالي، فيما يبين الحكومة عملت على احتساب النفط بشكل منخفض تحسبا لانخفاضه في الاسواق العالمية مستقبلا.
وقال المستشار صالح، لوكالة “ايرث نيوز”، ان “اقدام الحكومة العراقية نحو إقرار موازنة لثلاث سنوات يعطي رؤية عن مستقبل العراق المالي في الأمد المتوسط ليستعد لجميع الاحتمالات، كما ان مشروع إقرار موازنة الأعوام المقبلة من مجلس الوزراء يبقى استرشاديا وقابلاً للتعديل حسب أسعار النفط”.
وبين صالح ان “قانون الادارة المالية رقم 6 لسنة 2019 المعدل يؤكد على سنوية الموازنة ولكن في الأحوال كافة لايمنع من التخطيط المالي لتقدير موازنات لسنوات قادمة وعرضها تشريعيا على مجلس النواب وهي جزء من عملية التنبؤ للمستقبل”.
وأضاف المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء ان “الحكومة عملت على احتساب سعر النفط بشكل منخفض عن السعر الحقيقي، وهذا الامر بشكل مدروس، خشية من حصول أي انخفاض في أسعار النفط عالمياً، ولهذا هناك خطط حكومية في حال انخفضت أسعار النفط، وتعديل بعض مواد الموازنة من قبل البرلمان امر متوقع وليس ببعيد”.
لا يمكن اعداد موازنة لأكثر من سنة في العراق
من جانبها استبعدت الخبيرة في الشأن الاقتصادي، امكانية اعداد موازنة لمدة اكثر من عام في العراق، فيما اكدت ان 75% من الموازنة الحالية تذهب للجانب التشغيلي.
وقالت سميسم لوكالة “ايرث نيوز”، ان “اعداد موازنة لاكثر من سنة امر لا يمكن العمل به بوضع مثل العراق، كونه يعتمد بشكل أساسي على النفط، واعداد موازنات لاكثر من سنة يكون في بلد لجيه صناعة وزراعة ولا يعتمد على موازنته على النفط فقط، فاسعار النفط غير مستقرة ولا يمكن لاي احد معرفة ما سيحصل بها خلال الفترة المقبلة”.
واضافت ان “75% من الموازنة هي تشغيلية أي فقط لدفع الرواتب، ولهذا حصول الى انخفاض في أسعار النفط، ربما يؤثر حتى على قضية دفع رواتب الموظفين، اما بالنسبة للموازنة الاستثمارية فهي قليلة جداً وهي 25% من الموازنة، وهذا يعني ان العراق لم يشهد أي تقدم حقيقي في مجال التنمية، بسبب قلة التخصيصات في الموازنة الاستثمارية”.
واكدت سميسم ان “مجلس النواب سيصوت فقط على موازنة سنة 2023 ويكون هذا قانون ملزم التطبيق اما موازنة سنة 2024 و2025، فتبقى هي مقترح، ويتم التصويت عليه بعد انتهاء السنة الحالية وهو قابل للتعديل حسب التطورات الاقتصادية على أسعار النفط”.
اعداد الموازنة لـ3 سنوات يحمل رسائل سياسية
بالمقابل رجح المحلل السياسي ماهر جودة، أن أعداد الموازنة من قبل الحكومة لمدة ثلاث سنوات يحمل رسائل سياسية غير مباشرة، فيما اشار الى ان تراجع حكومة السوداني عن وعودها بشان الانتخابات المبكرة قد يعيد التيار الصدري الى الساحة السياسية.
وقال جودة، لوكالة “ايرث نيوز”، ان “عمل حكومة السوداني على إقرار موازنة لثلاثة سنوات، ربما يعطي رسائل سياسية بان الحكومة الحالية ستعمل على اكمال دورتها بشكل كامل، ولن تجري أي انتخابات مبكرة، كما وعدت بذلك خلال برنامجها الحكومي”.
وبين جودة انه “حسب كل المعطيات والمؤشرات لا توجد أي حوارات معلنة او غير معلنة بين الاطار التنسيقي والتيار الصدري، بل التيار الصدري على قطعية سياسية حتى مع حلفاءه السابقين في تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتراجع حكومة السوداني عن وعودها بشان الانتخابات المبكرة، ربما يعيد الصدريين الى الساحة السياسية”.
وأضاف المحلل السياسي ان “حصول خلافات بشأن موازنة ما بين الكتل والأحزاب داخل البرلمان امر متوقع جداً، وهذا ما يحصل مع كل موازنة، فهناك من سيعمل على ادراج ما يريده من مطالب ضمن فقرات الموازنة، وتصويت البرلمان على الموازنات الثلاثة غير ممكن سياسياً ولا قانونيا، لكن ستبقى موازنة سنة 2024 و2025، هي مجرد مقترح والتصويت عليها مع بداية كل سنة”.