كلام في الوقت الضائع : انعدام الفضائل الحزبية ( ١ )
عدنان شاكر
يعترف الجميع أن أحزاب السلطة الحالية في العراق ، باتت موضوع سخرية وتهكم ، ويعود ذلك كما نعتقد ، الى إنحطاط الأخلاق السياسية ، إن لم نقل إنعدام الفضائل الحزبية بوجه عام ، ولعل معظمنا لا يعرف ، أو لا يريد أن يعرف ، أن كل نظام إجتماعي سياسي يقوم على نظام أخلاقي . فالبعد الأخلاقي للحياة الإجتماعية بوجه عام ، وللسياسة بوجه خاص ، ينبع من حقيقة كون الإنسان / فرد عاقل وأخلاقي في الوقت ذاته ، وعليه لا يمكن فصل العقل عن الأخلاق ، لأن الأخلاق هي التي جعلت الإنسان إنسانا . حيث أن جميع العلاقات الإجتماعية والإنسانية ذات بعد أخلاقي ، بل ذات محتوى أخلاقي ، بما فيها علاقات الإنتاج ، فالمحتوى الأخلاقي لهذه العلاقات هو المحتوى الإنساني ، فإذا ما ضعف محتواها الأخلاقي الإنساني ، تحولت العلاقات الى علاقات قوة وغطرسة واستغلال واستبداد . وما كان للاستبداد والفساد أن يوجدا وأن يبلغا عندنا هذا الحد القياسي في تاريخ البشرية ، لولا إنتهاك النظام الإخلاقي للمجتمع ، ولولا إزدراء القانون وكل ما هو عام ووطني ، وتعظيم كل ما هو خاص وفئوي ، ولولا تهاون مجتمعنا في الدفاع عن نظامه الأخلاقي ، وتهاونه في الدفاع عن القانون ، فما كان لهذا كله أن يحدث لولا حلول ” الفئوية ” محل الدولة ، وحلول سلطة ” الأحزاب ” محل سلطة الدولة ، أي سلطة القانون ، فتحول المجال السياسي للدولة من مجال وطني عام إلى مجال خاص ، غدت معه مبادىء الحق وقيم الحرية والعدالة والمساواة خاضعة خضوعا تاما للإقتناع الذاتي للطبقة الحاكمة التي هي صارت من يقرر ، تحت غطاء أيديولوجيات متخلفة خارجة من عفن التاريخ ، ما هو الحق وما هي الحقيقة وما هي الوطنية وما هي مصلحة الشعب والأمة ، وماهي العدالة وما هي الحرية وما هي المساواة ، ومن الذي يستحقها ومن الذي لا يستحقها !! .