مع بدء “الكرصة”.. الصابئة المندائيون يشيدون بالسوداني: أعاد حقوقنا
إيرث نيوز/
لمدة 36 ساعة، يبدأ أبناء الصابئة المندائيين يوم غد الأحد اعتكافهم، بمناسبة العيد الكبير وما يسمى بـ”الكرصة”، لكن هذه الساعات لها طقوسها وشروطها الكثيرة، التي لا يحيد عنها أي مواطن صابئي.
العيد الكبير للصابئة، يعد بداية العام الجديد حسب تقويمهم، وفيه تكون العالم المادي، أثناء الخليقة، ويمتد هذا العيد لسبعة أيام، تبدأ من مغيب شمس يوم غد الأحد، وتكون “الكرصة” أول 36 ساعة منه، ومن ثم يتم إكمال الإيام الأخرى.
طقوس “الكرصة”، والتي تمثل بداية العيد، تتمثل بالاعتكاف عن العالم عبر غلق الأبواب والنوافذ وصنابير المياه، وصنع الطعام في المنزل وعدم اكل الخبز أو أي طعام مصنوع في الخارج، ويتم استخدام اواني خاصة يتم عزلها لهذا العيد، وهذه الطريقة موجودة بكل منازل الصابئة، وهذه الأواني تكون بعيدة عن الطعام من الخارج، ومخصصة للطعام الذي يطهى في المنزل حصرا.
ويشكل التعيمد أهم ركن من أركان الديانة، وهو الطقس الأهم في هذا العيد ويمارس طيلة الأيام السبعة، إضافة إلى الثواب للمتوفين وهو “طعام الغفران”.
تعرض أبناء المكون، ومنذ عقود مضت إلى ضغوطات عديدة، وخاصة الأمنية، نظرا لامتهانهم صياغة الذهب، حيث كانوا عرضة لمختلف أنواع السرقات والقتل والخطف، لاسيما في سنوات الإنفلات الأمني، وهذا الأمر دفع الآلاف منهم إلى الهجرة نحو بلدان أوروبا وأمريكا واستراليا، وهناك بات مستقرهم منذ سنوات، حتى بنوا معابدا برخص رسمية.
وحول وضع المكون في الوقت الراهن، قال رئيس طائفة الصابئة المندائيين في العراق والعالم الشيخ ستار جبار الحلو، في تصريح لوكالة “إيرث نيوز”، أن “المكون الصابئي طيلة السنوات الماضية عانى من التهميش والاقصاء وعدم وجود اهتمام حكومي حقيقي لأبناء هذا المكون، رغم انه من مكونات العراق الاصيلة”.
وأضاف أن “وضع المكون الصابئي اختلف قليلاً في حكومة محمد شياع السوداني، فرئيس الحكومة الحالي، لديه نية حقيقية في الاهتمام بالأقليات ودعم أبناء مكونات الأقليات، وهذا الامر يدعو للتفاؤل بمستقبل المكون الصابئي، خصوصاً اذا أصبح شريكا في صناعة القرار على مختلف الأصعدة”.
وتابع أن “التواصل مستمر مع رئيس الوزراء وفريقه الحكومي من أجل رفع التهميش والاقصاء عن أبناء المكون الصابئي ومن أجل إعادة الأملاك والعقارات الخاصة بابناء المكون، وهناك تجاوب جيد من قبل الحكومة بهذا الخصوص، ونأمل زيادة الدعم الحكومي للأقليات في العراق خلال الفترة المقبلة”.
يذكر أن المئات من عقارات أبناء المكون تم الاستيلاء عليها، وخاصة العائدة لتجار الذهب الذين تركوها دون بيعها خلال هروبهم السريع من العراق بعد عام 2003، وهو الحال ذاته الذي تعرض له أبناء المكون المسيحي.
ويعد جنوب العراق موطنا للصابئة منذ آلاف السنين، إذ تمركزوا قرب الأنهار والأهوار، لارتباط طقوسهم الدينية بالماء، لكن اليوم تشهد تلك المناطق تراجعا كبيرا بأعداد الصابئة نظرا لهجرتهم.
وللصابئة 4 أعياد رئيسة ومناسبات عدة أخرى، الأول هو عيد الخليقة (البرونايا) وفيه خلق الخالق عوالم النور العليا، ويستمر لمدة 5 أيام، والثاني هو عيد التعميد الذهبي، في ذكرى الولادة الروحية لنبيهم يحيى بن زكريا، بالإضافة إلى العيد الكبير الذي يصادف في شهر تموز ويستمر 7 أيام، وهو بداية الخلق، وفيه بدأت الدقائق والساعات والأيام، والأخير عيد الازدهار، وهو العيد الصغير، ففيه قام الحي العظيم بخلق الأزهار والأثمار والطيور والحيوانات، وبالإضافة إلى هذا خلق آدم وحواء، وهذا العيد يعتبر بداية نشوء الخلق، وفقا لعقائدهم.
من جهته، بين رئيس كتلة الصابئة المندائيين في البرلمان النائب أسامة البدري، في تصريح لوكالة “ايرث نيوز”، أن “العمل متواصل من أجل تحقيق كامل مصالح وحقوق أبناء المكون الصابئي، وهذه الحقوق تتعلق بالحياة المعيشية وكذلك الحقوق السياسية والمشاركة بشكل حقيقي في القرار العراقي على المستوى البرلماني أو الحكومي”.
ولفت إلى اننا “سنعمل بشكل حقيقي من خلال الصلاحيات التشريعية التي نمتلكها على إعادة كافة أملاك وعقارات أبناء المكون الصابئي من خلال التنسيق مع الجهات الأمنية والحكومية المختصة، وهناك تقدم كبير بهذا الملف، وتم خلال الفترة الماضية استعادة الكثير من تلك العقارات والاملاك، والعمل متواصل”.
وأشار إلى أن “الحكومة الحالية تختلف عن الحكومات السابقة بقضية دعم الأقليات وتمكينها على مختلف الأصعدة، ونأمل من رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، زيادة هذا الدعم وتمكين الأقليات بشكل حقيقي بان يكونوا شركاء حقيقين في صناعة القرار العراقي، وكذلك رفض التهميش والاقصاء عن هذه الأقليات”.
يشار إلى أن للصابئة مقعد نيابي واحد ضمن نظام الكوتا، إضافة إلى مقعد في مجلس محافظة بغداد، وهناك بعض الشخصيات من الديانة التي تدرجت بمناصبها ووصلت لمراحل متقدمة مثلا في وزارة الخارجية.
ويعد عبدالجبار عبدالله، من أبرز الشخصيات العلمية العراقية ومن أبرز شخصيات المكون الصابئي، والذي تتلمذ على يد العالم البرت إنشتاين، وقد ترأس عبدالله جامعة بغداد عام 1958، ومؤخرا تم تسمية الشارع المقابل للجامعة بأسمه.
ودينيا، فأن التعميد، يعد من أهم ركائز الديانة، ويشتمل هذا الطقس على نزول الشخص للماء الجاري، برفقة رجل دين، الذي يتلو آياتٍ من كتابهم المقدس “الكنزا ربا”، ويتم ذلك بملابس بيضاء خاصة تسمى “الرسته”، وهذا الزي الخاص بالتعميد يرتديه النساء والرجال والأطفال.