الدولار ازمة ام جريمة اقتصادية؟

27/07/2023
2125

المهندس علي جبار

يذهب الكثير من المراقبين والقنوات الإعلامية الى وصف (مرحلة تذبذب) سعر صرف الدولار بشكل غير منطقي وارتفاعه بشكل مريب الى إطلاق صفة (الازمة) على هذه الحالة.
مفردة (الازمة) لها معاني وصفات كثيرة في اللغة العربية يختلط فيها الحال مع الوصف والاستخدام:
(ازمة عاطفية، ازمة قلبية، ازمة مجتمع، ازمة اخلاق، وغيرها).
ولكن في مفهوم ادارة الازمة والإدارة العليا، تختلف المعايير التي يتم التعامل بها لأخذ المعنى العلمي والفني لمفردة (الازمة).
الأزمة كمفهوم في (علم إدارة الازمة) هي حدث يقطع تنظيم العمليات الإدارية الاعتيادية وينقلها لمرحلة تختلف، تكون فيها خسائر، نقص في معدلات الأداء، وغيرها…
وهي تعتبر مرحلة للانتقال بنمط الإدارة لمستويات فيها نجاح بالأداء والخروج بدروس مستقبلية.
تعتبر قيادة الأزمات وإدارة الأزمات أمرًا مهمًا خلال الأوقات الصعبة (المواجهة الصعبة “الازمة”)، ولكن لكل من هذه المفاهيم اعتباراته والاختلاف في نمط وسلوك التعامل بهما.
عودة، على قضية ارتفاع معدلات سعر صرف الدولار من دون مبررات اقتصادية حقيقية.
ارتفاع في معدلات الطلب على الدولار، غير متحققة. بدليل نافذة بيع العملة لازالت تبيع بمعدل ال 225 مليون دولار يومياً. الواقع في العراق لم نشهد نهضة عمرانية كبيرة وأصبحت الحاجة ملحة لشراء الخدمات او المواد بالدولار، لم تحدث فورة في عالم الصناعة المحلية أوجبت التعامل بالدولار بشكل ضروري.
لازال تصدير النفط يشكل المصدر الأساس للدولار في العراق، والدولة تغطي بمعدل شبه مطلق كل الاستحقاقات التشغيلية من إيرادات النفط.
لهذه الاعتبارات وغيرها، فأنه لا يوجد سبب اقتصادي (بحت) وراء او يعلل هذا النوع من الارتفاع في الفرق (بسعر الصرف).
من جهة أخرى، نجد ما يطلق عليهم “المصارف الاهلية” وغيرهم تتسابق في توسعة قاعدتها ومنافذها في احتواء الدولار من الأسواق للتربح بشكل كبير بمعدل 14% أرباح صافية من عملية المتاجرة بفرق سعر الصرف. تحولت الكتلة النقدية من الدولار الى بضاعة مربحة بشكل عالي ينافس أكبر الاعمال ارباحاُ.
عليه أصبح هناك مستفيد (ممكن ان نختلف في مسألة احقيته من هكذا نوع من الأرباح او غيرها).
معدلات تهريب العملة, حسب تقرير ميدل ايست أي Meddle east Eye في منتصف هذا الشهر يتكلم عن معدلات تهريب كتلة نقدية العملة الأجنبية الدولار من العراق عبر مناطق الإقليم تعادل السبعين مليون دولار يومياً.
من جانب اخر الحلول لقضية الدولار كثيرة وواسعة امام البنك المركزي والمؤسسات الاقتصادية المحلية, ومنها ( توسعة نوافذ الحصول على الدولار, تسهيل الإجراءات والتعليمات المصرفية لأكثر من 80 % من تجار المواد التي يتم استيرادها عبر حوالات (خارج نطاق سيطرة البنك المركزي), تسهيل الضرائب وإجراءاتها, خلق منصة خاصة من البنك المركزي او بنوك الدولة تستوعب التجار الصغار وتغطية عمليات الحوالات اليومية السريعة لتغطية استيراد المواد الغذائية وغيرها, تشجيع المسافرين في فتح حسابات مصرفية خاصة بهم بالمصارف والحصول على بطاقة ائتمانية خاصة, بدل بطاقات الائتمان المسبقة الدفع, التحرر التدريجي من مسألة استيراد الطاقة والغاز, والكثير من الحلول التي يطرحها المختصين.)
الجانب الأمريكي من هذه المعادلة هو طرف متحكم في حركة (دولارهم) ومراقبته، ويتعامل بمزاجية واجندات خاصة بهم تندرج ضمن مصالحهم. لم يتقن ساسة البلد التعامل او التفاوض معها لحد هذه اللحظة.
سياسياً، هناك من يذهب الى ان بعض من ملامح ما يحصل هو عملية سياسية تستهدف خلق الفوضى حول الحكومة الحالية، قبيل موسم الانتخابات.
حين نراجع هذه الحقائق وندرجها ضمن معيار (إدارة الازمة) والإدارة العليا نجد انها لم تصل (قضية الدولار) الى مستوى الازمة، بقدر ما انها جريمة اقتصادية مع سبق الإصرار والترصد.
حيث يجتمع فيها فاعل متقصد (المتاجرين) والجهات التي تدعمهم. وكذلك المستفيدين من هذا الفعل.
الحلول موجودة ولكن غير مفعلة بشكل حقيقي وحازم.
بالتالي لا يمكن ان نصفها (ازمة) بأي اعتبار من اعتبارات مفهوم إدارة الازمة والإدارة العليا.
والصفة الاصح التي يجب ان نطلق على “قضية الدولار” هي جريمة اقتصادية.

التصنيفات : مقالات